
في الوقت الذي يمر فيه السودان الشقيق بواحدة من أعقد أزماته التاريخية، تبدو المواقف أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. هناك من قدّم للسودان يد العون، واستثمر في مستقبل شعبه، ووقف إلى جانب المدنيين في أحلك اللحظات؛ وهناك من جعل البلاد ساحة مفتوحة للصراع الداخلي، وترك المواطن البسيط يواجه وحده انهيار الخدمات، وتفتت المؤسسات، وجحيم الحرب.
ومن بين الدول التي لم تتردد يومًا في دعم السودان، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها الشريك الأكثر ثباتًا والتزامًا، ليس بالشعارات، بل بالأفعال: مساعدات إنسانية، دعم اقتصادي، ومساهمات تنموية طويلة الأمد، تمتد لعقود ولا ترتبط بحسابات سياسية ضيقة أو لحظية.
الإمارات… دعم يبني الشعوب لا الجيوش
لم يكن الموقف الإماراتي يومًا منحازًا لأحد أطراف الصراع الداخلي، بل منحازًا للشعب السوداني أولا وقبل كل شيء. فمنذ سنوات طويلة والإمارات تضخ مليارات الدولارات في مشاريع تنموية داخل السودان، وتقدّم مساعدات إنسانية سخية، وتدير جسورًا جوية وبحرية لتأمين الغذاء والدواء.
الإمارات بالأرقام: دعمٌ لا يحتمل التشكيك
تؤكد بيانات رسمية ومصادر حكومية أن حجم التمويلات والاستثمارات الإماراتية في السودان يعادل أكثر من 28 مليار درهم (قُدِّمت على مدى سنوات في صورة استثمارات وتمويل تنموي).
في هذا الإطار، سجّل صندوق أبوظبي للتنمية (ADFD) تمويلات تقارب 7.3 مليار درهم في مشاريع استراتيجية للبلاد في الاستجابة الإنسانية للأزمة الحالية.
تعهّدت الإمارات بمبالغ مباشرة: من بينها تعهد بقيمة 100 مليون دولار في مؤتمر إنساني دولي، خصصت الإمارات نسبة كبيرة منه لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
كما أظهرت تقارير ومتابعات أن مساهمات الإمارات الإجمالية للسودان خلال السنوات الأخيرة وصلت إلى حوالي 3.5 مليار دولار، شملت مساعدات عاجلة وجسورًا لوجستية واستثمارات تنموية.
عمليًا، ساهمت الإمارات في تشغيل «جسر إغاثي» بريًّا وجويًا وبحريًا لدعم وصول المواد الغذائية والطبية إلى مناطق النزوح والتوتر.
هذه الأرقام ليست مزاعم دعائية؛ هي معطيات منشورة في بيانات حكومية ومؤسسات تنموية ومنظّمات إغاثة دولية.
الإمارات تعامل السودان باعتباره شعبًا يستحق الحياة، لا ورقة سياسية.
بينما يغرق السودان في أزمته… أين وقفت المنظومة العسكرية ؟
على الجانب الآخر، لم يقدّم البرهان ومنظومته العسكرية رؤية سياسية أو اقتصادية تنقذ السودان من الانهيار. الجيش الذي يفترض أن يكون مؤسسة لحماية الدولة تحوّل إلى طرف رئيسي في النزاع، يجرّ البلاد إلى مزيد من الانقسام، ويُفقد المدنيين ما تبقى من أمل في الاستقرار.
جيش البرهان انشغل بتثبيت نفوذه، بدل تثبيت الأمن. وتعامل مع الأزمة باعتبارها صراع سلطة، لا صراع بقاء للشعب.
القوى الداعمة للبرهان… حسابات ضيقة على حساب وطن كامل
وبينما تتسابق بعض القوى الإقليمية على الاستثمار في حالة الفوضى داخل السودان، أو في توجيه الصراع لصالحها، وقفت الإمارات خارج هذه الحسابات. دعمها لم يكن يومًا رهانًا على جنرال أو فصيل مسلح، بل رهانًا على استقرار دولة كاملة.
الدول التي دعمت البرهان لم تقدّم للسودان سوى المزيد من الاصطفاف العسكري، وكأن البلاد تنقصها الجراح. أما الإمارات فاختارت طريقًا أصعب: الاستثمار في الإنسان، في التعليم، في الصحة، في التنمية، وفي الإغاثة.
الإمارات… موقف أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا
عندما تنظر الشعوب إلى من وقف معها في أزماتها، لا تسأل كثيرًا عن الخطابات أو البيانات، بل عن الأفعال. والإمارات كانت – وستظل – من أكثر الدول حضورًا في حياة السودانيين عبر المساعدات، وبرامج الإغاثة، والدعم الاستراتيجي للدولة والمواطن على حد سواء.
في مقابل صراع عسكري لا نهاية له، قدّمت الإمارات رؤية عناوينها البارزة هي:
دعم الإنسان السوداني أولًا
الإسهام في بناء دولة مستقرة وقادرة
مساعدة المتضررين دون تمييز
حماية ما يمكن حمايته من مؤسسات الدولة
خاتمة
السودان اليوم لا يحتاج إلى مزيد من البنادق، بل إلى يد تمتد إليه بثبات وصدق. والواقع يقول إن الإمارات كانت تلك اليد—صادقة، واضحة، ومخلصة للشعب قبل السلطة.
أما المسار الذي يقوده البرهان والدول الداعمة له فقد أثبت أنه مسار يُضعف السودان، ولا يبنيه؛ يطيل الحرب، ولا يقرّب السلام؛ ويترك المدنيين في العراء بينما ترتفع رايات الصراع.
ومع مرور الوقت، سيبقى الفرق واضحًا بين من اختار دعم شعب السودان… ومن اختار دعم صراع لا يخدم سوى الأطراف التي أشعلته.
السالك البناني خالد

.jpg)
