
تستعد مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية للبلاد، لاحتضان زيارة فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، المقررة يوم 30 ديسمبر، في محطة سياسية وتنموية بالغة الأهمية، تعكس المكانة المركزية التي تحتلها المدينة في الرؤية الوطنية للدولة.
وتأتي هذه الزيارة في سياق وطني يتسم بتعزيز منطق الإنجاز والانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، ضمن مقاربة شاملة تضع التنمية الاقتصادية المستدامة في صميم القرار العمومي، وتربط بين الاستثمار المنتج، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز القدرات الوطنية في القطاعات الاستراتيجية.
ديناميكية اقتصادية ومشهد تنموي واعد..
تشهد نواذيبو حركية اقتصادية متسارعة، تزامنًا مع انطلاق موسم صيد يُتوقع أن يكون من بين الأفضل خلال السنوات الأخيرة، في ظل تحسن المؤشرات البيولوجية وارتفاع وتيرة النشاط البحري، ما يعزز دور قطاع الصيد كرافعة أساسية للاقتصاد المحلي ومصدر مباشر للتشغيل والقيمة المضافة.
وفي السياق ذاته، يبرز الأداء القوي لقطاع المعادن، حيث يُرتقب أن تحقق الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) خلال سنة 2025 إنتاجًا قياسيًا يُقدَّر بـ14,7 مليون طن من خامات الحديد، مقابل 14,3 مليون طن خلال سنة 2024، مسجلة بذلك أعلى مستوى إنتاج في تاريخها، وهو ما يعكس متانة القطاع المنجمي ودوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني وتوازن المالية العمومية.
استثمارات صناعية بالأرقام: تثمين حقيقي للثروة البحرية
ومن المرتقب أن يشرف فخامة رئيس الجمهورية، خلال هذه الزيارة، على تدشين وحدات صناعية كبرى في مجال تثمين المنتجات البحرية، بما يعكس التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعزيز التصنيع المحلي والانتقال من تصدير المواد الخام إلى بناء سلاسل قيمة متكاملة.
وفي هذا الإطار، سيتم تدشين المجمع الصناعي التابع لشركة ATAC SEAFOOD SA، باستثمار يناهز 25 مليون دولار أمريكي. ويختص هذا المصنع في معالجة وتثمين أسماك السطح الصغيرة، بطاقة معالجة يومية تصل إلى 500 طن، وسعة تخزينية تُقدَّر بـ12 ألف طن. ويوجه الإنتاج أساسًا نحو التصدير وفق المعايير الدولية، مع توفير 300 فرصة عمل مباشرة ونحو 600 فرصة غير مباشرة، ما يجعل المشروع أحد أبرز الاستثمارات الصناعية في القطاع خلال السنوات الأخيرة.
كما ستشمل التدشينات وحدة RIM FISH GLOBAL، باستثمار يُقدَّر بـ10 ملايين دولار أمريكي، والمقامة على مساحة تناهز 2964 مترًا مربعًا. وتتوفر هذه الوحدة على قدرة تجميد تصل إلى 83 طنًا يوميًا، وسعة تخزينية تبلغ 2000 طن. ويُنتظر أن يسهم المصنع في دعم الصيد التقليدي والساحلي، وتحسين شروط حفظ وتثمين المنتوج، مع خلق 115 فرصة عمل مباشرة و150 فرصة غير مباشرة، بما يعزز الإدماج الاقتصادي المحلي.
تعزيز الحضور المؤسسي والخدمات العمومية
وإلى جانب البعد الاقتصادي، ستشمل الزيارة تدشين عدد من المرافق الإدارية والخدمية، من بينها المقرات المحلية لكل من الإذاعة الوطنية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، في خطوة تهدف إلى تعزيز حضور الدولة على المستوى المحلي، وتحسين جودة الخدمات العمومية، وتقريب الإدارة من المواطنين والفاعلين الاقتصاديين.
دلالات الزيارة
تحمل الزيارة الرئاسية إلى نواذيبو دلالات سياسية وتنموية واضحة، مفادها أن التنمية أصبحت خيارًا استراتيجيًا تُترجمه مشاريع ملموسة، وأرقام دقيقة، واستثمارات منتجة، في إطار رؤية شاملة تراعي خصوصيات المدينة وتستثمر في مؤهلاتها البحرية والمنجمية والبشرية.
وبذلك، تؤكد نواذيبو موقعها كقطب اقتصادي محوري وواجهة بحرية وصناعية ومنجمية للبلاد، ضمن مسار تنموي متكامل يخدم الاقتصاد الوطني ويعزز آفاق النمو المستدام.

.jpg)
