خصصت الجمعية الوطنية، الجلسة العلنية التي عقدتها اليوم الخميس برئاسة النائب الأول لرئيس الجمعية، السيد أحمدي ولد حمادي، للاستماع لردود معالي وزير العدل، السيد محمد محمود بن الشيخ عبد الله بن بيه، على السؤال الشفهي الموجه له، من طرف النائب أنيسا دينبا عيسى با، والمتعلق بوضعية السجناء في موريتانيا.
وقالت السيدة النائب إنه، حسب آخر نشرية أصدرتها وزارة العدل، فإن نصف المساجين، في حالة حبس احتياطي أي أن نصف السجناء زج بهم بين المجرمين دون أدلة كافية وفي ظل غياب الإرشاد والتكوين والتأهيل في المؤسسات السجنية، على حد تعبيرها.
وأشارت إلى أن النشرية المذكورة تعود إلى 5 اكتوبر 2020، مستغربة عدم قيام قطاع العدل بتحيينها مما يسمح بالحصول على صورة حديثة عن عمل مختلف إدارات الوزارة بما فيها وضعية السجون.
وقالت "إن الجميع يلاحظ عجز السجون عن النهوض بدورها الإصلاحي والتأهيلي بل تحولها إلى أوكار للجريمة المنظمة وبؤر لتعلم الجريمة وانتشار الأمراض وتعاطي المخدرات"، حسب ما ورد في سؤال السيدة النائب.
وطالبت السيدة النائب معالي الوزير بإنارة الرأي العام حول الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات السجنية، هل هو الإصلاح والتأهيل والتأديب؟، أم تعليم الجريمة ونشر الرذيلة؟.
وتساءلت عن مدى توفر الشروط الصحية والأمنية للمساجين في ظل اكتظاظ السجون وسوء خدماتها، ولماذا نصف المحجوزين في حالة حبس احتياطي، وهو ما يتنافى مع حقوق الإنسان.
وأكد معالي وزير العدل، في رده على السؤال، أن مقاربة القطاع تعتمد على خيارات جديدة في مجال التكوين المهني لنزلاء السجون ومؤسسات الإصلاح تقوم على تشجيع الورشات المتعلقة بالإنتاج والتأهيل داخل العديد من المؤسسات السجنية، مشيرا إلى أن كل السجون الكبرى تتوفر حاليا على ورشات تأهيل وإنتاج في مجالات الخياطة، والمخابز والحلاقة، والمجازر، واللحامة، تساهم في تشغيل نزلاء السجون وتكوينهم بما يعود إليهم بالنفع المادي والمعنوي ويساعد في إعادة تأهيلهم للاندماج في المجتمع بعد فترة السجن.
وأضاف أن هذه الورشات شكلت روافد إنتاجية وإصلاحية تساهم في تحسين ظروف الإقامة بإنتاج ملابس السجناء وتوفير بعض الخدمات والحاجيات لهم، إضافة إلى المساهمة في سد حاجة المؤسسة السجنية من خبز وحلويات ولحوم، وصناعة الأحذية.
وقال إن هذه الورشات التأهيلية واكبتها نشاطات التدريس والإرشاد والوعظ الديني، قامت بها بعثات من قطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي وهيئة العلماء الموريتانيين، عبر تقديم الدروس والمحاضرات التي تحث على الواجبات الدينية وحسن الأخلاق والابتعاد عن الظواهر والمسلكيات التي تؤدي إلى الانحراف.
وأشار إلى أن اكتظاظ السجون يعتبر ظاهرة عالمية تعاني منها جميع السجون في العالم، وتعد بلادنا، ولله الحمد، من أقل دول العالم تأثرا بهذه الظاهرة، وتعمل السلطات العمومية جاهدة على اتخاذ الحلول المناسبة لهذه المشكلة، وقد توصلت، بإمكانياتها الذاتية، إلى نتيجة مشرفة في هذا المجال، مؤكدا أن الاهتمام بخلق بنية تحتية سجنية مناسبة وعصرية يمثل أحد أبرز معالم العناية التي يحظى بها قطاع العدل من طرف السلطات العليا، حيث تم تحقيق العديد من المكتسبات في مجال تشييد المنشآت القضائية عموما والسجنية على وجه الخصوص.
وذكر أن قطاع العدل ورث سياسة تم تبنيها خلال الأعوام الماضية اعتمدت أساسا على تشييد المباني السجنية في الداخل كــ(سجن ألاك الذي تزيد طاقته الاستيعابية على 650 نزيلا، وسجن انواذيبو بطاقة تبلغ 450 نزيلا، وسجن بئر أم أكرين الذي يتوفر على طاقة 420 نزيلا، هذا بالإضافة إلى سجن انبيكه بسعة 900 نزيلا) في الوقت الذي لم يتم تطوير هذه البنى التحتية السجنية على مستوى العاصمة، على الرغم من حاجتها الماسة إلى ذلك، وقد ظل القطاع يواجه هذه الظاهرة بإجراء عمليات تحويل المدانين إلى مؤسسات تتوفر فيها أماكن كلما دعت الضرورة لذلك، في انتظار تشييد المزيد من المؤسسات السجنية في هذه المدينة.
وأوضح أن الحكومة عملت على وضع استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار معالجة ظاهرة الاكتظاظ، حيث يجري العمل حاليا على تشييد سجن بنواكشوط الجنوبية بطاقة استيعابية تبلغ 1200 نزيلا، سيضع حلا نهائيا لهذه المعضلة، كما يجري العمل كذلك على بناء سجن بمدينة كيفه سيمكن من رفع الطاقة الاستيعابية للسجون التابعة للدائرة الاستئنافية بولاية لعصابة.
وأشار إلى أن المصالح المعنية تعكف على معالجة ظاهرة اكتظاظ السجون والحد منها، ليس فقط بالتحويلات وإنما باعتماد نظام المداومة الذي أصبح معمولا به خاصة في انواكشوط وباللجوء إلى الإجراءات البديلة للحبس الاحتياطي وتسريع انعقاد المحاكمات في مدة معقولة وذلك بعد استئناف نشاط المحاكم إثر تجاوز جائحة كوفيد-19 التي تميزت بتوقف الجلسات.
وذكر بأن قرار العفو الرئاسي الذي أصدره فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة عيد الفطر المبارك تم تنفيذه بالكامل وشمل 222 سجينا.
ونبه إلى أن تحسين ظروف العيش داخل السجون والرفع من جودتها باستمرار يعد التحدي الأكبر الذي يسعى القطاع إلى رفعه وقد نجح في ذلك بنسبة كبيرة، مبرزا أنه المرتكز الرئيسي للسياسة الناجعة التي يتم تنفيذها من أجل تغيير واقع سجوننا ويتم العمل على تحقيق هذه الأهداف من خلال تجهيز السجون وتزويدها بوسائل الإقامة اللائقة، حيث يتم تأثيث كافة السجون الوطنية بالأفرشة والتجهيزات والأدوات الأخرى سنويا، كما تم تزويدها بمخصصات التغذية اللازمة، حيث ارتفعت الميزانية المخصصة لها إلى 68.000.000 أوقية جديدة لسنة 2022، مع الحرص على كمال وجودة الوجبات المقدمة لنزلاء السجون، إضافة إلى توفير نقاط صحية وطواقم طبية في كافة السجون الكبرى، وتوفر العناية والخدمة الصحية في السجون بشكل دائم.
وقال إن نسبة الحبس الاحتياطي في حدود مقبولة مقارنة بالعدد الإجمالي لنزلاء السجون الوطنية، وقد استعادت الهيئات القضائية وتيرة أنشطتها المعتادة، بفضل الله، بعد تراجع حالات الإصابة بكوفيدـ19 في بلادنا.