
شكل البعد الأمني في المناطق الحدودية محورا رئيسيا في خطابات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني خلال مختلف محطات زيارته لولاية الحوض الشرقي، في الفترة من 6 إلى 14 نوفمبر 2025.
وأبرز فخامته أهمية استتباب الأمن والحفاظ عليه باعتباره ضرورة حيوية، مبينا أنه لا تنمية ولا خدمات بدون أمن، مشيدا في هذا السياق بالدور الذي تضطلع به القوات المسلحة وقوات الأمن، ومؤكدا أن الدولة توفر لهذه القوات كل ما تحتاجه من أجل تأمين الوطن بصفة عامة والمناطق التي تتعرض لتحديات أمنية بشكل أخص.
وأوضح فخامة رئيس الجمهورية أن كل شيء يهون في سبيل الأمن والاستقرار والنظام العام، وأنه للحفاظ على هذا الأمن، يجب أن نكون مستعدين لتقديم كل التضحيات، مؤكدا أن ولاية الحوض الشرقي “مؤمَّنة وستبقى آمنة بإذن الله”، موجها التحية لكل أفراد قواتنا المسلحة وقوات أمننا في كل مكان على أرض الوطن، وبصفة خاصة أولئك المرابطين على الحدود من أجل تأمين مواطنينا وتأمين حوزتنا الترابية.
ونوه فخامة رئيس الجمهورية بما يبذله من يشتغلون بتأمين المواطنين والذود عن سيادة البلد من مجهود كبير، وما يتمتعون به من روح وطنية وقيم مواطنة، مبينا في هذا السياق أن أفراد هذه الوحدات العسكرية والأمنية تشبعوا بحب الوطن قبل كل شيء، كما أن انتماءهم لمؤسساتهم، التي يعرفون مهمتها، يأتي بالنسبة لهم قبل انتمائهم لأسرهم ومحيطهم الاجتماعي.
وشكر رئيس الجمهورية سكان المناطق الحدودية على ما يبذلونه من جهود، هي بمثابة القيام بدور الدولة، تجاه إخوانهم وجيرانهم الماليين، رغم ما يخلفه ذلك من انعكاسات سلبية، وضغط شديد على ما هو متاح للمواطنين، لكنكم، يضيف رئيس الجمهورية “بكرم ضيافتكم وتفهمكم، قبلتم تقاسم ما هو متاح، سواء كان الماء أو الكهرباء، التي يبدو أنها تتعرض لضغط شديد، أو التعليم أو الصحة، إنكم تتصرفون وفقا لما تتحلون به من كرم ضيافة، ولكن أقول لكم أيضا أنكم تحملون شعلة موريتانيا ونيابة عنها فيما يمكنها أن تقدمه لمساعدة الإخوة والجيران، خاصة عندما يكونون في وضع صعب.”
ولفت فخامة رئيس الجمهورية إلى ضرورة أن “نتعاطف مع إخواننا الذين وجدوا أنفسهم، رغماً عنهم، في ظروف صعبة، في حالة حرب نعرفها نحن ويعترفون بها هم أنفسهم ، وأن نتحلى بالصبر تجاههم، وأن نساعدهم للخروج من هذه المحنة، لأن البلدان لا يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر، ولأن الأزمات تظهر وتختفي إلى أن تستقر الأوضاع وتتحسن، كما ينبغي لنا ألا ننسى أنهم لطالما أظهروا حسن الجوار، ولم يطردوا أحداً أو يثيروا غضبه، ولكنهم يجدون أنفسهم اليوم في وضع يفوق قدراتهم، مع أراضي أوسع من أراضينا وجماعات إرهابية تنشط في شمال مالي وفي المنطقة المتاخمة لنا، مما يخلق صعوبات كثيرة يجب أن نتفهمها، وما لم يتمكنوا من السيطرة عليها لا بد أن نتفهم أن لديهم أولويات، وهو ما يفعله الناس حتى في أوقات السلم.”
وذكر فخامة رئيس الجمهورية بأن ما يربطنا وإخواننا الماليين سابق على نشأة الدولتين وقد كان تبادل المنافع قائما حتى قبل أن ترسم الحدود، وهو ما يتطلب منا أن “ننسب لهم الفضل في قبولهم دائماً أن نرعى ماشيتنا في أراضيهم، وهو أمر يجب ألا ننساه ولن ننساه أبداً.”
وأكد رئيس الجمهورية على اهتمامه البالغ بالوضع على الحدود، مشيرا في هذا الإطار إلى إرسال وفود وزارية لتوضيح الملابسات الحالية للوضع الذي يؤثر على المواطنين في المناطق الحدودية أو يشعرون بآثاره بشكل مباشر.
واستعرض فخامة رئيس الجمهورية تفاصيل أوضاع المواطنين الموريتانيين، سواء داخل الأراضي المالية أو على الحدود، موضحا أن وضعيتهم تنقسم إلى ثلاث فئات، فهم ما بين “رعاة متنقلين معتادين على التنقل في مالي، حيث يجدون الماء والمراعي، وتجار مستقرين في أماكن أبعد قليلاً، في باماكو على وجه الخصوص، وآخرون توجد عائلاتهم وجذورهم في البلاد ولكنهم يعيشون في مالي ويحملون جنسيتها.
وشرح رئيس الجمهورية الجهود التي بذلتها الدولة في سبيل حلحلة وضعية الفئة الثانية المتمثلة في الموريتانيين المقيمين في باماكو، والذين أغلقت متاجرهم منذ عدة أشهر، مبينا أن الدولة بعثت وزراء، ولا سيما وزير الخارجية، وقد وعدتهم السلطات المالية بالسماح بإعادة فتح هذه المتاجر. ومع ذلك، يجب أن نفهم أن وعود الدول تستجيب لأحكام خاصة تستغرق الوقت اللازم، ونحن ملتزمون بهذا التعهد.
وبين أن الفئة الثالثة تتمثل فيمن توجد عائلاتهم وجذورهم في البلاد ولكنهم يعيشون في مالي ويحملون جنسية هذا البلد، “ونحن نتعاطف معهم ونعرب عن تضامننا معهم، ولكن يجب ألا ننسى أنهم ماليون وأن الدول مكونة من حدود تفصل بين عائلات من جنسيات مختلفة، فإذا طلبوا مساعدتنا، فسوف نساعدهم بكل ما في وسعنا، دون أن ننسى أنهم ليسوا موريتانيين، فهذه هي الحقيقة، في انتظار أن تتغير الأوضاع أو أن يطلبوا التجنيس، وهو ما يتبع إجراءات قانونية معروفة”.
وختم فخامة رئيس الجمهورية بالتأكيد على أن الدولة ستبقى مع المواطنين ولن تتوقف عن العمل لمساعدتهم، أينما كانوا مشيرا إلى أنها “مهمة مستمرة إن شاء الله”.
الوكالة الموريتانية للأنباء

.jpg)
